Translate

الخميس، 31 مايو 2012

+ الطريقة التأسيسية في التدريس

بقلم حنافي جواد

الطريقة التأسيسية في التدريس

أكثِّف مسائل هذه الطريقة في الأمهاتِ التالية:

½ الـتأسيس أولا قبل البناء. الأساس الضعيف مهدِّد للبناء ومن فيه ومن حوله.  فقبل أن ندندن في طرائق البناء وأساليبه  وفنونه يجب أن نؤصل للبيانات والمعلومات/ البنايات. والحديث عن التأسيس ذو شجون، تتنازعه إجراءات الداخل و الخارج: والداخل أنواع والخارج ألوان!

     ½بناء المعارف يشبه إلى حد بعيد جداً بناء الدور والمنازل، فالبيوت التي لم  يؤسس لها التأسيس المطلوب مهددة بالسقوط والانهيار قبل الزلزال!

 ½الأساس المتين الصلب يسمح لصاحبه بالاستطالة في البنيان والزيادة والنقصان. والأساس الهش سرعان ما يقع على ساكنيه.

 ½المعلومات ذات طابع تأسيسي؛ فلا تستقر المعلومة إذا لم تجد أختها تكونُ أساسا لها. معظم المعلومات التي نستقبلها لا تستقر إلا عندما تجد أختها المساندة لها والمعضدة. فتقع على أختها وقوع القطب الموجب على القطب السالب. وإذا لم يتوافر ذا الأساس فإنها لا تُقْْبَلُ في آلات البناء والتحويل.
 
 ½بتر المعلومات عن سياقاتها وسبقاتها ولواحقها ومآلاتها لا أرى يقيناً أنه منتج لمعارف فعلية.

 ½الحفر بحثاً عن المعلوماتِ الأولية مطلب ملح في العملية التعليمية التعلمية. ثم إن لإهمال هذه المرحلة خطرا مستطيرا على البناء كله، وكذا على المساكن المجاورة له!

 ½إذا أدركت هذه المسألة الإدراك ستنفي يقينا الغباء عن عدد كُبَارٍ من الذين وصفوا به. فهذا الذي وصفوه بالغبي ليس إلا فاقدا لبعض حلقات التعلم. البنية التحتية المعرفية القوية تضمن مؤهلات للنجاح. 

 ½المعلم الذكي هو الذي يعود خطوتين إلى الوراء؛ بل ثلاثا؛ ويندفع إلى الأمام بواحدة. هاجسه التأسيس، ولن يكون لكلامنا معنى إلا إذا تجسد ذلك في المقررات فعلا.

½ عرض المعلومات في شكل ساذج يؤخر العملية التعليمية التعلمية التربوية سنيناً عددا. فعلى المعلم أن يعي هذا الأمر ليكون بانيا حقيقيا.

 ½التدريس فن دقيق لن يتقنه إلا فنان أسس معارفه وبناها على سند سندان، ويزيد ليطول البناء فيعانق عنان السماء. فما لا يزيد مصيره آيل للنقصان. والتجديد مطلب ضروري.


½ التدريس بالطريقة التأسيسية يتوقف على مفاهيم من عظامها: التشخيص- الدعم - التقويم- التعليل- النقد/ التبين- الإبداع- التضافر والتعاون- التطبيق والفعل.

 ½من أصعب مراحل التطبيب التشخيص، فالعجز عن كشف الداء عجز عن كشف الدواء بدليل الأولى، وما الوسائل إلا معينات ومساعدات. لهذا نفهم التخبط الذي نعانيه في مجال التخطيط التعليمي، بل التخطيط إجمالا...

 ½التقويم يعطي للباحث/ المدرب الإشارة بالإقدام أو الإحجام. والسكوت عن تقرير التقويم أو تأجيل التنفيذ جريرة كبرى. ومعاناة اليوم من خبيث ثمار هذا التأجيل. هذا إذا كان التقرير صادقا، أما إذا كان مكذوبا فالطامة أعظم.

 ½التعليل من مفاتيح الدخول إلى عالم التأسيس والبناء، لا لإقناع الأنفس ولا لإقناع الناس، وإنما بحثا عن الحقيقة.

½ بالنقد السديد والتبين البناء نتطور ونرتقي. أما النقد من أجل النقد، أو نقد النقد، فغير مجد إطلاقا. إنما جعل النقد ليؤتم به في العمل.

½ لا يكفي أن نكرر ما قيل، ونفعل ما فُعل، ونشعر ما شُعر في المجالات الاجتهادية؛ بل من البلادة فعل ذلك.

 ½العملية التعليمية التعلمية التربوية الأخلاقية تعاونية تضافرية مشتركة. فليس من العدل في شيء تحميل طرف واحد جل المسؤولية! لكن المسؤول المباشر يجب أن يحاسب،  وبهذا جرت العادة.

 ½التأسيس من باب الإجمال تأسيسان: التأسيس الداخلي والتأسيس الخارجي:
 - الداخلي داخل أسوار/ نطاق المدرسة.
 - والخارجي خارج الأسوار، وهذا أعم وأهم وأشمل من الأول، لأن مساحته واسعة في ظل كل المدارس التأويلية.

 ½وعين الخطل التركيز على الداخل وإهمال الخارج. ومن الغلط صبُّ جام النقد؛ بالمعنى القدحي للكلمة على الداخل وغض الطرف عن الخارج الدَّاخِلِ في اللعبة بأسهم عظيمة.
½ إن المدرسة تؤتي من الخارج أكثر مما تؤتى من الداخل، وليس في الكلام استهانة...فمن مأمنه يؤتى الحذر!

½ لا معنى لتعليم/ تربية/ تأديب...يخالف فيه المسطور في الكتب والمقررات الواقع الحياتي: (الرشوة حرام ممنوعة محظورة قبيحة والواقع يعج بها!) فالدعوة بالقدوة من أنجع وسائل البلاغ.

½ اللغة الفعلية قبل اللغة اللفظية، خصوصا في مراحل التربية والتعليم الأولى. فالطفل ينفعل  للغة الفعل.


½  المعلومة كالفسيلة إذا لم تعتن بها ماتت. والثمار هي المعارف. والأشجار في الإثمار ليست سواء، فمنها الجيد والمتوسط والرديء، ولذلك أسباب وعلل معقولة.

 ½المعلوماتُ متضافرةٌ متآخية؛ لا تنافر بينها. فالدرس الذي لا يعتني بهذا لا يضمن له النجاح. ومن الإجراءات العملية لتنزيل التضافر/ التآخي الكائن بين الحقول الحرصُ على الموضوع أو المسألة لئلا تتولد مسائل لم تك بيت القصيد.

½ الإحاطة الإجمالية بالحقول المعرفية الأخرى مطلب مهم أهمية عظمى. ولسنا نشير إلى الإحاطة الشاملة التفصيلية بكل المعارف والميادين فهذا محال، والقدر المطلوب: ما يسمح بإجابة عامة تروي الغليل لكنها لا تشفي عليلا، بل يحتاج طبيبا.

 ½لو كنا نبني معارفنا على أسس متينة لما ضاعت منا. فالمعلومات معرضة للنسيان والضياع إذا لم تحظ من متلقيها عناية. ومن أنماط الرعاية/ العناية استدخالها إلى معمل مصنع التكرير ليفاد من طاقتها // لتكون طاقة قابلة للاستهلاك.

 ½صيانة آلات التحويل (تحويل المعلومات إلى معارف) مسألة غاية في الأهمية. وهي صيانة شاملة بكل الاعتبارات. وإهمال / التفريط في الصيانة من الأسباب الموجبة للبوار. وما لا يزيد ينقص، وبعده الاندثار!

 ½الحياة في تجدد مستمر، فمن مقتضيات هذا: تجديد المناهج- لا بإملاءات خارجية، فأهل المغرب أدرى بشعابه!
- والتجديد غير مؤقت بزمن محدد مضبوط (أربع سنوات خمس سنوات...) بل وقته الأصلي الحاجة: أي الحاجة إلى الجديد.

 ½قيمة المنهج أي منهج كامنة في المرء المنزل له. فالمنهج من عبقرية نحرير (إذا كان منهجا فعلا) وتنفيذه متوقف عليه. أصول المنهج قد تؤخذ من فلان أو علان بينا تفصيلاته وتفريعاته وأجزاؤه الداخلية لا تؤخذ ولا تعطى، إنها ثمرة استيعاب وفهم عميق دقيق.

½ التصالح مع المنطوق والمكتوب مهم في العملية التأسيسية. يغيب في أساليبنا التواصلية النحو المنهجي والعلمي، فاللغة غنية لكن الخلل، بل الخرم، في مستعمليها، فإنهم لا يكادون يبينون. فلما عمَّ الغبش عمَّ لغو ما أنزل الله به من سلطان. فاضْطُرَّ إلى فهمه والتعبير به للذين لا يفهمون غيره.

½ الأسرة هي المدرسة الأولى للطفل.&n bsp; فإذا كانت البرامج التي تروج بها  منسجمة والإطار الفلسفي العام الذي تطمح له المدرسة الثانية،  فإن النجاح يكون حليف الجميع أسرة ومدرسة ومجتمعا وسياسة واقتصادا وبيئة ... وإذا لم يكن فالخلف هو الذي يكون بالبت والإطلاق! 

المقدار العظيم من النجاح، بل لا أخشى أن أقول إن النجاح كله كامن في المعمل الأول الأسرة.

½و إن المحرك الكبير المتحكم في المدرسة؛ بل المتحكم في الحضارة البشرية؛ كامن في البيت/ الأسرة متمثلاً في أب وأم، وإجمالا في الذين كان لهم الاحتكاك الأكبر- كما وكيفا- بالطفل في مراحله الأولى.
 البابة الكبيرة الفعالة للمدرسة الثانية (المدرسة) هي المدرسة الأولى(الأسرة)، فهلا اعتني بها فعليا في ضوء منهج واضح مندمج منسجم وطاقات المنفذين والمستفيدين...

½ تأسيسا لفلسفة تأسيسية فعالة دقيقة يجب أن يخضع الأب والأم لتكوين علمي دقيق وفقا لسقفهما المعرفي. فأبسط المهن والحرف تستلزم حتما تكوينا مؤِّهلا للمرء ليكون أهلاً بالعمل المعين. لكن للأسف المرير- من- أسمى المسؤوليات وأعظمها في الوجود إطلاقاً الأبوة والأمومة لا تفرض شهادة دالة على أهلية الزوج / الزوجة لتحمل مسؤولية حضارية جسيمة أشفقت من تحملها السماوات والأرضون.

½ استثمار وسائل الإعلام المتباينة من وسائل تفعيل هذا الطرح...ولا تفعيل بلا خطة واضحة مدروسة من نواح عامة وخاصة!
   أجزم بلا ريب[1] أنَّ المدارس الثانية لن تنصلح لن تستقيم إلا عبر انصلاح الأولى. وقد سبق التعليل وهاكه مرة أخرى:
  السن الذي يلتحق فيها الأطفال بالمدرسة متأخرةٌ للغاية، بالنظر إلى البرامج الأساسية الأصلية التي يتحملها الطفل وهو بالمدرسة الأولى (الأسرة)، وجلها غير مؤِّهل للنوع البشري المطموح إليه، لأن إدارة البيت كما عرفت لم تؤسسْ على أُسُس!      

/


[1]  في هذه الأثناء بالضبط - وأنا في الذي فيه من التأسيس...- ( 2 يناير 2007 / الموافق ل 14 محرم 1428، على الساعة 4:35 دقيقة بعد الزوال) نعي إلي  خبر وفاة عمتي  حنافي ميمونة .إنا لله وإنا إليه راجعون. تغمدها الله برحمته الواسعة وأسكنها فسيح جنانه.آمين آمين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق