Translate

الخميس، 31 مايو 2012

+ نظرية المسارات في التربية

بقلم حنافي جواد

نظرية المسارات في التربية


      يولد الطفل فيلفي أمامه مسارات/ طرقات متعددة متباينة تباينا عجيبا. يكون له من الاستعداد ما يكفي لأخذ أي الطرقات/ المسارات التي شِيءَ له أن يأخذها.
 المولود الجديد خاضع لسلط معينة منها على سبيل المثال: سلطة الأب/ الأم – سلطة الوضعية/ الحال المالية للأسرة- سلطة الشاشة/ الشاشات التي تعرض أمامه- سلطة الحي الذي تسكنه أسرته- سلطة المدينة التي ينتمي إليها – سلطة البلد الذي ينتمي إليه- سلطة العالم من خلال شبكة العلاقات التي تصل البلد الذي ينتسب إليه بالمحيط الخارجي...

     يمكن تقسيم المسارات التي تعرض على الطفل / الإنسان إلى ثلاثة أقسام كبرى- هذا من الناحية القيمية:
أ‌)     مسارات إيمانية؛
ب‌) مسارات كفريـة؛
ت‌)  مسارات بين المنزلتين.

     ويمكن تقسيمها كذلك إلى أقسام أخرى باعتبارات أخرى:
- مسار المتفوقين/ التعثرين- مسار الأذكياء/ الأغبياء- مسار الأغنياء/ الفقراء- مسار الجريئين/ الخجولين- مسار المنضبطين الأسوياء/ المنحرفين المختلين...

     برنامج الأسرة هو الذي يحدد المعالم الكبرى للمسار؛ فيرسم نقطة الانطلاق ويحدد الوجهة. أما إذا لم يكن للأسرة برنامج- وهذا هو الغالب في مسارات المجتمعات المتخلفة- فإن الطفل يسلك المسار الضمني الذي يستقرئه من قرائن كثيرة ويندمج فيه بحكم كونه طلقا من قيد الأسرة.
  أصدق عبارة تصدق على هذا المسار هي: " ما جرت عليه العادة في المجتمع ". فيكون ذلك ديدنه.
الجم الغفير من الأسر التي وقفت عليها يصدق عليها قولنا:"أسر ما جرت عليه العادة في المجتمع".

    إنهم منساقون مع القطيع لا يتحملون مسؤولية التدريب التي تحملوها بالفطرة. لقد أثملهم ما يروج حولهم. إنهم يفكرون لكن لا يفكرون بعقولهم، بل بعقل المجتمع. أشبه ذلك ما يكون بالماء الذي شق مساره في الوادي؛ فالمياه تعرف طريقها بالفطرة ولا تضَلّ.

        الأسرة أول سلطة تحدد المسار. فبإمكانها أن تهدي الطفل إلى أي المسارات شاءت. إن ذلك آيل إلى مفعول التطعيم/ التلقيح-التربوي- الذي تحقنه الطفل. فإن التطعيم المركز يحقق النتائج ويخترق ما يعارض الهدف المسطر سلفا،

ولا أنفي أن بعض العراقيل يمكن أن تقلب المسار قلبا. ولا أنفي كذلك أن المسار المجتمعي والثقافي يحددان سلفا المسارات الكبرى، لهذا فاستثناءات الخروج عن المسارات الثقافية المجتمعية ممكنة لكنها ليست سهله ولا يسيرة.
           وتفسير ذلك في نظري كما يلي: هناك لحظات في حياة الإنسان تنفتح فيها العقول/ القلوب، فإذا صادفَ الانفتاح خيراً اتخذت مسار الخير، وإذا صادفت شراً سلكت مسار الشر.
   وكل قلوب الأطفال الصغار منفتحة فلا استثناء. هذا قبل أن تتدخل عوامل الثقافة بالفساد، وقبل ترسب الفساد في العقول/ القلوب ليسري دماً في العروق، وتتكون منه قطع لحم، فيحيط بالإنسان ويحتضنه.

      صعبٌ للغاية نقل إنسان قطع أشواطاً في مسار معين إلى مسار آخر مختلف عن الأول في المعالم الكبرى والأصول العظمى. إذ إن لقانون الإيلاف والتكرار سلطة ً عظيمة ً.
    فإذا كانت البرامج تستدخل وفقا لمراحل ونظام، فإنها كذلك تستخرج وفقا لمراحل ونظام؛ ثم إنها لا تنتزع انتزاعا.
فالمسألة مسألة إدمان: إدمان على مناظر خاصة، وأساليب خاصة، وحالات شعورية خاصة... فالرجوع عن المسار لأخذ مسار آخر أشبه إلى حد كبير بالسباحة ضد التيار أو إخطاء الطريق في الطريق السيار. ورغم الصعوبة المذكورة فمن الممكن استثمار مفاتيح القلوب/ العقول للعود إلى الجادة.  





/

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق