Translate

الخميس، 31 مايو 2012

+ فلسفة القلب البشري


بقلم حنافي جواد

في طبيعة القلب البشري


     المقصود بالقلب في الإسلام ليس هو العضو المعروف، أي الجارحة، بل غير ذلك. إنه مركز الإنسان، ونقطة التقاء مكونات كثيرة. إنه عالم مجهول، حيث تتجمع الحقائق، وتترسب خلاصات الأفكار، والمشاعر، وما يتحكم في الإنسان ويحركه.

   تتجمع به رواسب الماضي وتجاربه؛ وهي وبرامج التربية التي تلقاها الفرد في مراحل نموه؛ من خلال قانون التكرار والحفظ.
 ومن الصعب، بل من المستحيل قلبه بين عشية وضحاها. أراه صخورا صلبة يصعب على عوامل التعرية فتها دفعة واحدة، ويمكن ذلك بالعمليات الممرحلة؛ شريطة أن يكون المحيط مدعما خادما، وإذا لم يكن ذلك كذلك فإن العمليات ستكون عكس التيار، والسباحة ضد التيار ليست سهلة!

     أما حال هذا القلب/ العقل عند الولادة، فإنه صحيفة بيضاء، أو حاسوب لم ندخل إليه البرامج التي بها سيشتغل. فالبرامج الداخلة هي التي تسير وتتحكم. فالحقد برنامج، والتواضع برنامج، والكرم برنامج، والدقة في التفكير برنامج، وسرعة الانسياق برنامج...مستقرها جميعا المركز (العقل/ القلب). الإنسان أهل ليكون إنسانا بالقوة الجبلية التي بثها الله فيه، لكن إذا لم تتوافر العناصر المناسبة التي تؤهل الإنسان ليكون إنسانا فإنه يرتد إلى الاتجاه الذي يوجه له، فقد يصير في محيط فاسد من أشر الخلق على الإطلاق.

       فلو كان المقصود بالقلب العضو المعروف (القلب) لحدث عند استبداله- بآخر- انقلاب كبير، في السلوك، والمشاعر، والبرامج، لكن لم يحصل هذا إطلاقا.
فالقلوب لا تحمل صفات أصحابها، من حقد وحب...

        إن هذا الذي تعلق به الناس وتحدثوا فيه كثيرا، ما هو إلا عضو كسائر الأعضاء؛ له أهميته وقيمته.
أليس هذا القلب (بالمعنى المتداول) هو العقل؟ وهذا هو الذي أميل إليه ويطبئن صدري له. لهذا أرى أن نجمع بين العقل والقلب في كلمة واحدة: هي عقل القلب.

   يتحدَّث بعض الباحثين اليوم عن دماغ في القلب، يؤكدون أن القلب له نظامه العصبي الخاص به، وهو نظام معقد يسمونه the brain in the heart فالقلب يبث مع كل دفقة دم عدداً من الرسائل والمعلومات لجميع أنحاء الجسد، وله نظام كهربائي معقد وله طاقة خاصة به، وله مجال كهرطيسي أقوى بمئة مرة من الدماغ!!
   إن الأطباء حتى هذه اللحظة غير متفقين على أن القلب مركز العقل، ولكنهم شيئاً فشيئاً يقتنعون وينتظرون نتائج الدراسات والأبحاث.
بقلم عبد الدائم الكحيل http://www.kaheel7.com/

         أما تقسيمهم الشخصية إلى جانب معرفي وحسي/حركي ووجداني، فلا أساس له من الصحة. فأين محل الوجدانيات؟
     هي جزء لا يتجزأ من العقل، هي صنف من الأفكار. هي نوع من الرواسب، هي نباتات تنمو وتنتعش إذا حظيت بالرعاية المناسبة، وتذبل وتموت إذا لم تلق العناية المطلوبة. هي نتاج من نواتج التربية.
 فالحب والحنان والكرم والشجاعة ومقابلاتها من كره وقسوة وبخل وجبن كلها بنات تربية، كلها معقولات (مربوطات) بالمركز/ برامج برمجنا عليها.
أما الجانب الحس حركي فهو نتيجة، أو هو رد فعل من المركز لمؤثرات معينة.

   ولا ننسى أن نذكر بالقانون الذي يحكم الجسد وهو " قانون التداعي". ونوجزه في التضافر والانسجام والاتحاد والتناغم العجيب الذي يعرفه الجسد والمحيط. والتداعي نوعان:

            تداع داخلي للجسد؛ يحصل بين أعضاء الإمارة.
          تداع خارجي؛ يحصل بين الجسد ومحيطـــه:
وهو تداع تبادلي بين الجسد والمحيط، والمحيط والجسد؛ بحيث يسلط الجسد قوى نوعية على المحيط يستقبلها ويحولها إلى طاقة تعود للجسد في شكل جديد مباين للشكل الذي انطلقت به في الأول. كما يحصل اندماج عجيب بين القوى المسلطة من الأجساد، مما يصنع تبادلا جديدا.

يمكن تقسيم التداعي التبادلي إلى قسمين:
 الأول: التبادل الفردي؛ الذاتي: بين الذات والمحيط.
الثاني: التبادل الجماعي؛ مع الآخر / الآخرين. أو هو التبادل الانعكاسي؛ بحيث تنعكس القوى الغيرية على القوى الذاتية. والناس ليسوا سواء في قواهم التأثيرية؛ بل إن أقطاب التأثير - صناع العقول - محددون في فئام مخصوصة، اكتسبوا القوة من سلطة الغنى المؤطر بمؤيدات إعلامية ودهائية؛ كما أن الناس ليسوا سواء في الإجابة للقوى الغيرية؛ وذلك يتوقف على نوعية البرامج المستدخلة؛ فمنهم سريعو التأثر والمتوسطون والبِطَاء. والاستقراء الكلي ينبئ أن الأغلبية الساحقة منفعلة لا فاعلة؛ فمشاركتها استهلاكية وهكذا أريد لها أن تكون! 

/



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق