لقاء فريد مع أجن العباقرة
وأشدهم تشاؤما
سألت السيد ليل رائد مدرسة
العباقرة المجنونين وفقيه المتشائمين فيلسوف زمانه وخبير ذاته ابن السيد الظلام
المدعو بأبي المتشائمين.
ظننته لنْ يجيبني إذ إني من بني
إنس، وخاب ظني فأجابني وأفاض في الجواب حتى كاد يُتْخِمَنِي، بل قل إنه أشبعني
فامتلأ عقل بطني وبطن عقلي، واستسلمت لسيف الحقيقة لا خوفا من فراق ولا طمعا في
إنفاق، إنما لشيء في نفسي دعاني دعوة ملحاحة فأجبت.
-
سألته قائلا:
من هو الإنسان؟
-
قال: كتلة تبحث
عن المصلحة.
-
قلت: لم أفهم.
-
قال: الإنسان
كائن باحث عن المصلحة.
-
قلت: ذلك شيء
طبيعي.
-
قال: فلو كان
طبيعيا لما ترتب عنه الفساد كالصبح مسفراً.
-
قلت: الإنسان
يصلح ولا يفسد.
-
قال: هل أنت من
هذه الأرض؟
-
قلت: أنا مغربي
ابن مغربي ابن أدمي.
-
قال: لا أقصد ذلك،
ربما أنت من كوكب غير كوكبنا.
-
قلت: أنا من
كوكب الأرض.
-
قال: ربما
أرضكم غير أرضنا. أرضكم جميلة نضرة صالحة نافعة مصلحة. لا تنكر الحقيقة ليلا تنكر
وجودك أو تحكم على نفسك بالغرابة.
-
قلت: من طبْعي
أني لا أنكر.
-
قال: قل لي
أيها الإنسان ما الذي دعاك لتكليمي؟ ما المصلحة التي تأمل قضاءها؟
-
قلت: ليست لي
مصلحة في تحديثك.
-
قال: لا تحاول
خدعي فإني من أهل الأرض المخالطين للبشر.
-
قلت: لا أحاول
وليس ذلك من عادتي ولا دأبي.
-
قال: عاداتكم
أيها البشر واحدة.
-
قلت: أنا بشر
من النوع الممتاز.
-
قال: وهل غيرك من
النوع الرديء؟
-
قلت: لا
أقصد...أقصد...
-
قال: عاداتكم
هي البحث عن المصلحة حيثما كانت وبأي ثمن.
-
قلت: وهل البحث
عن المصلحة مضر؟
-
قال: الآن حصحص
الحق وعدت إلى رشدك أو كدت تعود. عد إلى رشدك أيها الإنسان فالعود أحمدُ.
-
قلت: لم تجبني.
أجبني أيها الرجل.
-
قال: المصلحة
مصلحتان: آجلة غير مادية وعاجلة مادية. والمادة ليست هي الدراهم فقط، بل قد تكون
ابتسامة أو شهوة و شهرة أو تزجية وقت فراغ أو غير ذلك. أجبني – أنت- كذلك ما الذي
دعاك لتكليمي؟
-
قلت: لا شيء.
-
قال: وإذا
فحصنا "لا شيء " وجدناها تحمل أشياء كثيرة.
-
قلت: وماذا تجد
بداخلها؟
-
قال: المصالح.
إني مؤسس علم فيزياء البشر. إن حركات البشر وسكناتهم مدفوعة بالمصلحة المادية –
وراء جل سلوكاتهم مصالح.
-
قلت: هناك من
يفعل الخير في سبيل الله.
-
قال: ما في
سبيل الله لا يرى بالعين المجردة. ولم يخترع المخترعون مجاهر ترى الأعمال التي
تصنع لنيل مرضاة الله.
-
قلت: هل أنت
متشائم؟
-
قال: إنا
متشائم ابن متشائم أب المتشائمين، أقول الحقيقة.
-
قلت: وهل تحب
التفاؤل؟
-
قال: إذا كان
التفاؤل عندكم هو نكران الحقيقة وإخفاؤها، فإني لست متفائلاً.
-
قلت: من علمك؟
-
قال: تجارب
الحياة وصدماتها وصراعاتها. أبعدك الله عنها.
-
قلت: أقترح
عليك أن تلقي بنظرات فاحصة في علم التنمية البشرية والبرمجة اللغوية العصبية.
-
قال: تلك
العلوم مبنية على أوهام. ونظرتي للإنسان لن تغيرها الأوهام ولا أشباه الأوهام.
اقتناعي راسخ أن الإنسان كتلة تبحث عن المصلحة.
-
قلت: إنها علوم
مفيدة. وأنا على يقين أنها ستغير تصوراتك للحياة والناس.
-
قال: هل تعلم
أني درستها وبلغت فيها درجة الإفتاء.
-
قلت: ربما لم
تطلع على أجودها أو لم تحسن قراءتها فقد يستعصي عليك أسلوبها العلمي.
-
قال: قرأتها
وأدركت منها أنه إذا اقترب منك إنسان فاعلم أنه يريد منك شيئا، فكن على استعداد
لتقدم له الخدمة.
-
قلت: لا تسئ
الظن.
-
قال: إساءة
الظن في مجتمع فاسد أصل.
-
قلت: هل تحكم
على المجتمع بالفساد؟
-
قال: وهل تشك في
ذلك؟ لقد دب الفساد في كل القطاعات وطال كل المجالات بما فيها مجال التدين. إني
أدرك ذلك كلما أشرقت في الصباح سماء عيني، وحتى أحلام النوم لا تبخل عليَّ
بالحقيقة. وبراهين الفساد كثيرة، أذكر لك منها تعقد الإجراءات الإدارية التي أجدها
الآن دائي وموضوع معاناتي.
-
قلت: برهانك
غير مقنع.
-
قال: لم
تفهمني، لا لأني غير فصيح، ولكن لأنك لا تفهم البلاغة والبديع ولا تجيد فك شفرات
الرموز.
-
قلت: وهلا
أفصحت بوضوح وتركت أساليب البلاغة والبديع وأسلوب الألغاز والترميز.
-
قال: لأنها جزء
لا يتجزأ من اللغة.
-
قلت: أنت رجل
غريب الأطوار.
-
قال: هل تدري
لماذا أرسل الله محمدا صلى الله عليه وسلم؟
-
قلت: شاهدا
ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا.
-
قال: وأرسل
كذلك لتوجيه مصالح الناس إلى الطريق المستقيم، كيلا تزيغ عنه، ولما تصادمت مصالح
الناس حسدوا بعضهم وتقاتلوا.
-
قلت: هل كنت من
زمرة هؤلاء المتقاتلين؟
-
قال: القتال لا
يصل إلى درجة حمل السلاح. وقد يصل في بعض الأحايين. فكن مستعدا لحمل السلاح.
-
قلت: وهل طفلك
من جنسك؟
-
قال: علمته ما
أعرف وما لا أعرف. إنه مدرك لسر اللعبة. وله قدرة كبيرة على فك الشفرات. أما زوجي
فيسكنه الغباء على نحو عجيب. فكرت في تعليمه أو إقناعه فرأيته لا يطيق ولا يليق.
-
قلت: ربما لأنك
لا تحسن التعليم ولا تتقن فنون التواصل والإقناع. ألم تطرح سؤالا من هذا القبيل
توجهه لنفسك؟
-
قال: زوجتي
تعاني منذ سنين من مرض معروف في الأوساط الطبية بمرض التفاؤل أو التفاؤل المزمن.
-
قلت: التفاؤل
سلوك صحي والتشاؤم غير صحي.
-
قال: هكذا
علموكم في المدارس... كيلا تنتفضوا، ليلا تقول لا. إنكم أيها الرجل ضحايا.
-
قلت: لست ضحية.
-
قال: ألا
تستحيي أن تنكر؟
-
قلت: أنت فقير
ابن فقير همشت ولا زلت مهمشاً وغدا سيكون مصيرك التهشيم.
-
قال: أعترف
بذلك.
-
قلت: عرضت ما
جرى بيني وبينك على عقلي فوجدته مفيدا نافعا. ظننتك بادئ النظر رجلا تافها و فاشلا
من كثرة ضحكك فلما عرفتك أدركت قيمتك وقدرتك وسمو فكرك وجودة نظرك. أنت متشائم
وتشاؤمك نافع، فصيح لسانك ولغتك ملآى بالرموز. فككت منها ما تيسر وسأعود إليها
لاحقا لأركب لآلئها في عقد أعرضه على الناظرين ممن أحب ولا أحب. وهدفي إن شاء الله
نبيل، هو توعية الناس بشرهم ليجنبوا غيرهم شرهم وأذاهم، وليلا ينخدعوا بأصحاب
الشعارات وعارضيها في المهرجانات والمجلات والنشرات استخفافاً بعقول البرية والناس.
المصالح تجمع الناس وتفرقهم. ولعل الناس يوجهون مصالحهم إلى النافع المفيد فيفيدون
ويستفيدون. فالمصلحة جوهر من الجواهر المكونة لجهاز التحكم البشري، فلا يمكن إقصاؤها
ولا الاستغناء عنها، والأحرى توجيهها إلى الدار الأخرى.
-
قال: إذن أنت
متجاهلٌ.
-
قلت: كنت أريد
أن أستخرج منك ما يسكن عقلك وما تخفيه وراء جثثك. فنجحت في قصدي ونلت بغيتي. ثم
اعلم أني رائد من رواد مدرسة الحقيقة الموصوفة بمدرسة المتشائمين.
ثم أرسلوا علينا جيشا عرمرما ليفرق جمعنا ويبعثر أوصالنا وأهدافنا بذريعة
أننا نتكلم في المحظور...ونشوش على الناس. انهالوا على ظهورنا وبطوننا بسياط
كأذناب البقر؛ وهي مصنوعة من حديد؛ فتفرقنا فأخذونا واحدا واحدا واستجوبونا
وعذبونا ولما علموا أننا لم نستسلم قتلونا وانتهى أمرنا وضاعت الحقيقة في أحضاننا.
الحقيقة تختنق أهل الفضيلة أنقذوها
وضعوها في حضن آمن. أصلحوا حالها واستكشفوا قلبها ولا تستعملوا المواد الكيماوية
في علاجها، فإنها طبيعية ولا تنسجم إلا مع الطبيعي. أما إذا لم تلحقوها وعسر عليكم
إسعافها واستحال فشيعوا جنازتها التشييع المناسب.
قال الراوي:
حضرتُ مع الجمع المشيع لجنازة
الحقيقة، وكان الجو مبكيا حزينا. شاركت في التشييع وفود كثيرة منهم الصغار والكبار
وحتى الشيوخ. وكنت آنئذ من صغار المشيعين، وأنا الآن شيخ كبير هرم بلغت من الكبر
عتيا، سقطت كل أسناني سوى واحدة. أرغمتني ابنتي سمية على اقتلاعها فأبيت لأن سني
تختزن في جوفها العلوي تاريخاً، ولم يبيض شعر رأسي ولحيتي ولم ينحن ظهري قط، أما
التجاعيد فقد رسمت في وجهي خرائط وأخاديد. يشهد كل الذين قابلوا وجهي بأنه كتب
عليه: "أنت ضحية". لقد انعكس ما في قلبي على محياي فطابق الظاهر الباطن.
توجهت في يوم مطير إلى المكان الذي دفنت فيه
السيدة الحقيقة لتلتئم الذاكرة وأتذكر الأيام والليالي فرأيت عجباً:
"فتاة جميلة ذات وجنتين ينضح منهما الجمال والصغر والخفة يزني بها شابٌّ
قبيح الهيئة متسخ...ظننته اقتادها عنوة ليزني بها، لكنها أخبرتني أنها تحبه حبا جمّاً،
بل هي من أرغمه على ذلك...
- قلتُ لهما: إنكما تفعلان المنكر فوق قبر السيدة الحقيقة.
- ردت الشابة قائلة: ذا ليس منكرا. من ينكر فعلنا هذا؟
- قلت: الأخلاق والقيم والدين الإسلامي.
- قالت: أي قيم؟ أي أخلاق؟ إننا في مجتمع يؤمن بالحداثة والعلم. أراك رجلا
قديما نموذجا للفكر القديم. من حقي أن أمارس الجنس- حقي الطبيعي- مع حبيبي، إنه
حبيبي. ثم ضمته إلى صدرها وقبلته قبلة حارة.
وعدَلْتُ عن الذي انطلقت من أجله وعدت أدراجي
إلى بيتي أفكر في العلاقة الدلالية بين قبر الحقيقة والزنا على القبر. شيبتني
العلاقة ولما أجد لها جوابا...
عرضت السؤال على كبار السن من
جيلي فعجزوا. سافرت باحثا عن الجواب في الجبال والسهول سائلا من أعرف ومن لا
أعرف...قيل لي إن بأرض طفل موهوب يجيب عن السؤالات والمشكلات. فقصدته أركب ظهر
حمار طيب ذي خلق فاضل أوصلني إلى المكان المحدد. فاشترط علي الطفل ليجيبني عن
سؤالي أن أعود إلى بيتي حاملا حماري على ظهري.
-
قلت مندهشا:
ذلك يا بني شاق عليَّ.
-
قال: حملك
الحمار على ظهرك شرطي الوحيد. إذا أردت الجواب فعدني بفعل ما آمرك به.
-
قلت في نفسي:
يجب أن أحمل الحمار الطيب الجميل على ظهري كما حملني على ظهره. ذلك من أجل المعرفة
التي سأتعلمها من الشيخ الطفل الموهوب.
فلما قبلت الشرط ووقعت معه على الوثائق وقدمت
له الضمانات همس بالإجابة في إذني فأسرني جوابه سروراً وانشرح صدري انبساطا. ولما
خرجت وصدري مثقل بالإجابة مسرور توجهت أقصد المكان الذي ربط فيه السيد الحمار
فوجدت الحبل ولم أجد الحمار. صدقوا ما أقول لكم فإني لا أحلم، فأنا يقظان اليقظان؛
ولم يعرف عني كذب أبيض ولا أسود و أحمر.
وانطلقت ماشيا معتمدا على عصا
ضاربا بها الكلاب المعترضة الشرسة وغير الشرسة، التي كان السيد الحمار يحميني
منها. كنت أسأل الناس من أهل القرى التي أمر بها أكلا وشرابا أطفئ بهما جوعي وعطشي
فيرفضون سؤالي وينهرونني، رغم أني كنت أرتدي زيا جميلا كزيّ الموظفين الساميين...
فلم يغضبني أمر إعراضهم وبخلهم؛ لأن السر الذي أودعه الطفل الموهوب في صدري كان
وقاية لي وحصانة.
توقفت في قرية كبيرة لأداء
الصلاة في مسجدها، وسألت أحد الذين جاؤوا لأداء الصلاة مع الجماعة عن المكان الخاص
بالوضوء. فرد قائلاً: ليس عندنا في مسجدنا مكان خاص بالوضوء. ثم سألني قائلا: هل
تعلم أن الصلاة في مسجدنا هذا ليست مجانية كسائر المساجد، فلدفع الثمن قبل الصلاة.
ثم أرشدني إلى مكان الدفع فدفعت المطلوب وقدم لي التذكرة. لم أعجب من هذا الأمر
كذلك بفضل تأثير كلمات الطفل الموهوب. أديت معهم الصلاة وقد أمتهم امرأة... فلما
خرجت من مسجدهم وابتعدت عن قريتهم أعدت الصلاة ودعوت الله ليغفر لي.
وجدت وأنا في طريقي إلى بيتي
غنما يرعاها ذئب وفي فمه مزمار وفي جانبه الأيمن قطعة معدنية كتب عليها: كن باحثا
عن المصلحة حيثما حللت وارتحلت. رأيته يدخن النارجيلة (الشيشة)...
قال الراوي:
وفي طريقه إلى بيته سقطت سنه
متأثرة من حركة طائشة من يده. تأسف كثيرا للحرث؛ لا لفقدان السن، بل لأن السن
تختزن تاريخا طويلا مريراً. أخذها بيده اليمنى ثم انطلق باحثا عن مكان آمن يدفنها
فيه احتراما لها وتقديرا لتاريخها. دفنَ السنَ قرب جذع شجرة زيتون بأرض علم من
مصادر موثوقة أنها ليهودي مغربي... ولما علم الشيخ بذلك رجع على التو باحثا عن سنه
المدفونة قرب جذع شجرة الزيتون فلم يجد سنه. أزعجه الأمر كثيرا وأرهقه عظيما، فعاد
مرة أخرى يبحث عن سنه الضائعة. وبينما هو يبحث بيده في التراب فاجأه اليهودي
مباغتا قائلا: ماذا تفعل هنا أيها العربي المَخْرِبي المخرِّب قال الشيخ أبحث عن
سن دفنتها هنا مشيرا إلى جذع شجرة الزيتون. قال اليهودي: الأرض أرضي فلا يحق لك أن
تقربها أو تدفن فيها نجاسة. قال الشيخ: إنني طاهر نظيف ظاهرا وباطنا. قال اليهودي:
لقد أخذت سنك إلى المختبر لأجري عليها تجارب أبرهن بها على حقيقة يجهلها العرب
وأنصارهم. ووفقت في عملي إلى حد كبير. وأظنني مؤهلا للحصول على جائزة نوبل بإنجازي. قال الشيخ: وليس من حقك أن
تخضع سني لتجارب من غير موافقتي. فأنا مالكها وصاحبها. أودعت فيها أسرارا ولا يحق
لك الاطلاع عليها. سأحاكمك في المحاكم الدولية.
ثم ضحك اليهودي مستهزئا: ألم تشبعوا من المحاكم الدولية؟ ومتى أنصفتكم؟ إنك
بليد. وبلادتك جميلة تبعث على الشفقة. فانهال الشيخ على اليهودي بوابل من السباب
والشتائم مختلفة الألوان والأحجام والأشكال والطول والعرض...ذكر كلاما أستحيي ذكره
لقرائي الأفاضل. قال اليهودي في هدوء: السن سنك والأرض أرضي وسنك بين يدي فلم
أمنحك إياها. افعل ما شئت متى ما شئت...أعدك أني سأهدي لك نسخة غير منقحة من البحث
الذي سأجريه على سنك. واطلب من العرب أبناء جلدتك أن ينقحوه ولينسبوه إلى أنفسهم
أو أنفَسهم فعسى أن يعيد لهم كرامتهم.
ضاعت سن الشيخ وضاع معها كل شيء؛
بما في ذلك سر الطفل الموهوب والأمل الذي كان يحمله في صدره...بكى الشيخ دموعاً
ودما فما أجداهُ ذلك نفعا. شكَا أمرهُ للعربِ فما اهتموا بأمرهِ قط. أفاضوا
بألسنتهم كثيرا وندَّد كتابهم بأقلامهم في أسطر مسجوعة مزخرفة فما أجداه ذلك نفعا
ولا دفع عنه شرا. قامت الدنيا ولم تقعد في الشوارع والمدن في مشارق الأرض ومغاربها
في سهولها وهضابها في قراها وضواحيها...رافعة للشعارات ذات الرنات تتظاهر بالدفاع
عن الشيخ، وهي لا تدافع عن شيء ولا شيخ، إنما تفجر طاقة مكبوتة وقمعا دفينا. آن
الأوان لخروجه...
شاركت في المسيرة أسماء مشهورة
في الإعلام والرياضة والفن والسياسية والشعوذة...عبروا عن آرائهم أمام الشاشات
الوطنية والدولية العالمية فابتسموا وفرحوا وشكروا المصورين والصحفيين وشكروهم. وفي
المساء عادوا إلى بيوتهم سامرين قدام الشاشة ينتظرون الوقت الذي يظهرون فيها. فإذا
رأوا صورهم وسمعوا كلماتهم فرحوا فرحا واسشاطوا سرورا. ولما حل الصباح وفتحت الشمس
أعينها انطلقوا يجرون ليخبروا أهلهم وذويهم عن حدث ظهورهم على الشاشة...
عاد الشيخ بخفي حنين إلى بيته فوجد الأمور فيه
مختلفة. ماتت زوجته الثانية وتزوجت بنته
من غير إذنه. وقد مولوا عرسها من شقة كانت لأبيهم باعوها وصرفوا كل مداخيلها في
أمور تافهة تتعلق بالعرس... فغضب الشيخ لفعلهم وصاح في وجوههم وأرغى وأزبد فسمع
الجيران صياحه فانطلقوا مسرعين يستكشفون الأمر. فلما سألوا عن السبب أجيبوا أن
الشيخ قد فَقَد صوابه أو جن. فدعواْ له رجلا صالحا يقرأ عليه ما تيسر من الكتاب،
فلما حاور الرجل الصالح الشيخ أخبر أسرته أنه سوي لم يفقد صوابه ولم يجن.
-قال: الشيخ سوي ليس مريضا ولا مجنونا فهو في كامل قواه البدنية والنفسية.
- قالت زوجة الشيخ: ولكنه يفعل ويفعل...تصف له الصياح.
- قال الرجل الصالح: إنما الجنون ما فعلتم في العرس. إنه حقا جنون. غفر
الله لكم.
- قالت الزوجة: أنت إرهابي، تحرم الأعراس والفرح. اخرج من بيتي إنك مجنون.
فخرج الرجل الصالح وتبعه الشيخ
منطلقين في اتجاه اليمين. حاولت اللحاق بهما لكن خطواتهما مسرعة رغم كبر سنهما.
فانطلقت صوبهما جاريا. كنت أود تكليم الرجل الصالح في أمور تخصني؛ إذ أظن الرجل
قادرا على مدي بالجواب الشافي المقنع.
ولما لحقتهما طلبت من الرجل الصالح أن يجيبني عن السؤال. قال الرجل الصالح:
اسأل وسأجيبك إن علمت الجواب. قلت: أريد أن أهجر الفساد. قال: اهجر الفساد هجرا
واتركه تركا، هكذا يفعل الصالحون. قلت: كيف ذلك؟ فالفساد يسكننا على نحو عجيب.
قال: استعن بالصبر والصلاة والدعاء. قلت: إني لا أخشع في صلاتي ولا أستطيع الصبر،
فهو شاق علي. قال: تمرن، فالعبادة تمارين ورياضة. قلت: طقس المنطقة ومناخها لا
يساعدني على التمرن.
قال: حاول ولا تستسلم، ثم دلني على رجل صالح أرافقه وأصاحبه علي أستفيد منه
في مجال الخير والفضيلة وهو السيد "جهاد خليفي" المتخصص في الغزو الإلكتروني....
حججت إلى الرجل الذي وصفه لي
الرجل الصالح فوجدته منهمكا في فحص جهاز حاسوب. أخبرت السيد جهاد بأني مبعوث من
طرف الرجل الصالح. فرد علي جهاد قائلا: أنا لا أعرف رجلا صالحا، وأعرف رجالا
يبحثون عن المصالح. فلما وصفت له الرجل الذي بعثني إليه عرفه وقال: إنه فعلا رجل
صالح، وحكى لي عنه أمورا كثيرة.
-
سألت السيد
جهاد قائلا: ما عملك؟
-
قال: أستاذ في
السلك الأول ثانوي إعدادي.
-
قلت: ما المادة
التي تدرس؟
-
قال: مادة
الإعلاميات.
-
قلت: ما آخر
شهادة حصلت عليها؟
-
قال: الإجازة
في الرياضيات.
-
قلت: هل أنت
راض عن عملك؟
-
قال: نعم إني
راض فرح مسرورٌ. ينقصني قليل من المال فأحاول الحصول عليه بطرائق...
-
قلت: ما هي تلك
الطرائق؟
-
قال: أصلح
الهواتف النقالة والحاسبات والحواسب الآلية والشاشات والساعات وأركب الأجهزة
الإلكترونية وأصلح آلات الغسيل والعجن...وفي المساء أدرس في المدارس الخصوصية
الرياضيات والفيزياء وفي بعض الأحيان العلوم الطبيعية واللغة العربية بأثمان معقولة.
فضلا أني من سماسرة العقارات والسيارات.
-
قلت: عجبا كيف
جمعت بين وظائف ومهمات كثيرة.
-
قال: أخوك مجبر
غير مخير. إن الأجرة التي أحصل عليها من تدريس مادة الإعلاميات لا تكفيني لأيسر
المطالب الحياتية.
-
قلت: إذن أنت
غير راض عن عملك؟
-
قال: بل راض
ومسرور والحمد لله.
-
قلت: أريد أن
تعلمني الآداب والخلق الفاضل.
-
قال: ربما لست
الرجل المناسب لتعليمك الآداب والأخلاق الفاضلة، فهم الدنيا قد شغلني وكاد يليني
عن صلاتي ويفسد أخلاقي.
-
قلت: لقد فهمت
من كلام الرجل الصالح أنك ذو خلق فاضل وأهل بتعليمي الآداب والأخلاق.
-
قال: أظنك أحسن
حالا مني.
-
قلت: لا أظن
ذلك. أريد أن تعلمني طرائق الغزو الإلكتروني.
-
قال: دعني
أعلمك شيئا آخر ينفعك.
-
قلت: علمني.
تعلمت من جهاد كل شيء سوى الأخلاق والآداب.
علمني الغزو الإلكتروني وإصلاح الحواسب وتركيب الأجهزة. علمني كيف أحصل على المال
من طرق مختلفة. فجمعت من المال ما لا يعد ولا يحصى. بنيت به بيتا فخما جميلا
واقتنيت سيارة جديدة رفيعة وتزوجت شابة جميلة ذات مال وخلق وجاه وحسب ونسب ثم
تزوجت ثانية وثالثة ورابعة. وأنجبت منهن
جيشا عرمرماً من البنين والبنات. ظننت المال والبيت والسيارة والزواج من أربع
والبنين والبنات من أسباب سعادتي فخاب ظني فوجدت ذلك كله غير جالب للسعادة.
عدت أسأل عن الرجل الصالح الذي
وصف لي الأستاذ جهاد رفيقا ومعلما. فأخبرت أنه فارق الحياة منذ زمن. فدلوني على
بيته في حي قديم مظلم، فقصدته وسألت أبناءه فحدثوني عن وفاته. كان هدفي من هذه
الزيارة إخباره بأنني تعلمت كل شيء إلا الآداب والأخلاق...كنت أريده أن يرشدني إلى
رجل يعلمني قوة الإيمان وتعاليم الإسلام والأخلاق. فبادرت مجتهدا وسألت ابنه
ليرشدني إلى ما يصلح حالي، ثم حكيت له قصتي مع أبيه...
-
قال: لا أعتقد
أيها الرجل أن أبي سيدلك على غير ما طلبت. فربما قصدت رجلا لم يصفه لك، وهذا الذي
أرجح.
-
قلت: قصدت رجلا
همه المقعد المقيم الدنيا. فتعلمت منه طرائق جمع الأموال فغرقت في بحر الأموال
وضاقت علي الدنيا بما رحبت.
-
قال: وهل تخرج
زكاة أموالك؟
-
قلت: لا.
-
قال: فأنا أستحق
الزكاة فلتدفع لي زكاة أموالك عسى أن يغفر الله لك ما تقدم من ذنبك.
-
قلت: وهل
تستحقها حقا وصدقا.
-
قال: أني فقير
ومسكين ومعسر ومدين وغارم...وحاجتي إلى المال ضرورية.
دفعت له
زكاة أموالي بعدما أقنعني أنه يستحقها. وهاجرت
باحثا عن رجل يعلمني ديني ويقوي إسلامي. دلوني على رجل زاهد يسكن في كهف في جبال
الأطلس المتوسط. فانطلقت إليه حتى وصلت فوجدت عنده رهطا من الرجال الزاهدين في
الدنيا، وجلهم من أغنياء القوم، أكلهم قليل ودعاؤهم كثير؛ يدعون الله بكرة وأصيلا،
وفي كل الأوقات...وجدتهم يحيون حياة طيبة جميلة. أجمعوا كلهم على أن حياة الزهد
أفضل من الترف- ومن ظن الترف شرطا للسعادة فقد أخطأ فاحش الخطأ. السعادة في القلب
لا في ملك اليد.
أخبرت وأنا في هذا المقر
بمعادلات للحياة مهمة وأسرار ثمينة...فأشفقت على هؤلاء الحريصين على المال
والدنيا.
ومن هؤلاء الذي وجدت في كهف
الزهاد الشيخُ فاقد سنه. وجدته مشرفا على الموت. فقد عمَّر طويلا واستفاد استفادة عظمى،
عرفت ذلك من خلال حكايات رهط الزهاد. فقد حكوا عن تفاصيل حياته في الكهف ونشاطاته
اليومية والليلية. وقدموا لي مقارنة بين حياته الأولى والثانية، فاكتشفت الفرق
واضحا. وقد عجبت من قدرته على التخلي عن أسرته وأهله وماله، وقدرة أهله وذويه على
إهماله والتفريط فيه. فأخبروني أنه تناسى كل شيء. لا يهتم إلا بالصلاة والذكر
وقراءة القرآن وتعلم الشريعة والفكر.
- قلت لأحد الرهط الزاهدين: أليست هذه رهبانية ابتدعتموها؟
- قال: إننا ابتعدنا ما به نبتعد عن الفساد وهجرنا الإجرام والفاحشة التي
تعج بها مدنكم. ففرق ما بيننا عظيم: أنتم في مدنكم تستنشقون هواء فاسدا ملوثا.
وعندما تمرضون تتوجهون إلى مستشفيات لا تزيدكم إلا مرضا إلى مرض وشقاء إلى شقاء.
يعاملونكم فيها معاملة لا تليق بالحيوانات. وتهانون في الإدارات والمؤسسات...فلكي
تحصل على وثيقة صغيرة تحتاج إلى وثائق كثيرة وأموال عظيمة...فإذا كنت ذا قلب سليم
أصبت بالمرض.
أما الحياة عندنا هنا فجميلة
نظيفة وحلوة وطاهرة تعلمك الإصلاح والصلاح والإنتاج والتفكير والتفلسف وأنماط
التأمل. انظر إلى تلك الآلاف المؤلفة من الكتب والمؤلفات، فإنها مؤلفة في هذا
الكهف...
أخذت كتابا من الكتب أطلع عليه
وأتفحصه عُنوانه: خرافة العقل وسلطة الظاهرة الفيزيائية. فانهكمت في قراءته فوجدته
دقيق العبارة جيد الصياغة مكتوبا بخط جميل يدل على خبرة الكاتب وشجاعته وقدرته على
التخلص من الموروث الفاسد. ومن العبارات التي أعجبتني في الكتاب قول الكاتب:"فلو
كان للعقل حقيقة لانعدم الفساد في الأرض والكون. فالعقل؛ بالمعنى القيمي للكلمة؛
خرافة كبرى".
ثم قال في مكان آخر: العقل جهاز
إرسال واستقبال أما العقل الكبير فمبثوث في العالم المادي/ في الأشياء
والأحداث...".
ومما أثار انتباهي وأنا في
مكتبة الكهف كتاب في موضوع الأزمة المالية العالمية: الأسباب والحلول. قال الكاتب:
الجشع والطمع والتعاملات الربوية سبب في الأزمة. فسبب الأزمة هو الإنسان، والحل
كامن في الإنسان. ثم تحدث في سياق آخر عن ضرورة إضافة يوم جديد إلى أيام الأسبوع، قال:
نضيف يوما إلى أيام الأسبوع نسميه يوم العمل؛ وهو بين السبت والأحد.
قلت لأهل الكهف هلا أخرجتم هذه
المؤلفات القيمة إلى الوجود فيتعلم منها الناس في الأرض الأخرى ويتخذونها أسلوبا
في التربية والتعليم والتنشئة الأسرية ومناهج التفكير. لماذا تحتكرون العلم؟
-
قال القيم على
مكتبة أهل الكهف: لقد أخرجناها إلى وجودنا. وكهفنا أسمى من مدنكم وقراكم. ثم اعلم
أن الإنتاجات الرديئة المنشورة في عالمكم أفسدت الحرث والنسل. الكتابة والتأليف
عندكم تجارة مربحة ووسيلة للشهرة والتكبر.
-
قلت: هل لكم
تنظيمات سياسية؟
-
قال: لا سياسة
لنا، بل أغلبنا يتشاءم من السياسة ومشتقاتها. إن أسلوبنا في الحياة سهل غير معقد،
وخطابنا واضح لا يستند على سياسة ولا كذب. نصارح بعضنا ونتفهم غيرنا. لسنا في حاجة
إلى السياسة، فنحن نحرم الكذب والتلاعب بالرجال وعقولهم والنساء وقلوبهن. ولا تروج
السياسية إلا في الأوساط الفاسدة.
رمقت بعيني طفلا في ركن من الكهف فسألت الرجل عنه.
-
قلت: لمن هذا
الطفل؟
-
قال: أبعده
أبوه؛ وهو رجل صالح؛ عن فساد المدينة وتلوثها. أحضره أبوه إلى جنتنا هذه منذ سنين
ووعدنا أنه سيلتحق بنا قريباً هربا من زكام الخنازير والدجاج والناس المنتشر في
أرضهم. فنحن ننتظرهُ.
-
قلت: لماذا حرَمه
أبوه من المدرسة؟
-
قال: مدارسكم
لا تعلم الأخلاق. إنها تعلم الأطفال أساليب الاستهلاك. مشروعها صنع مستهلكين.
-
قلت: وماذا
يستهلكون؟
-
قال: يستهلكون
الصناعة والثقافة التي اتخذها أغنياء القوم مشاريع مربحة. فهل تجد فرقا بين
المتمدرسين وغيرهم في مجتمعكم؟ كلهم مرضى شبعت أجسامهم من السموم.
-
قلت: هل تراني
من المتسممين؟
-
قال: تقدم
للفحص هناك. فتم رجل خبير في التشخيص ويستطيع أن يأخذ بيدك إلى شاطئ العلاج. ليست
له عصا سحرية يعالج بها الناس، بل يساعدهم ليصلوا إلى طريقة علاج ذواتهم. ستكون
أنت الفاعل والمفعول به.
توجهت
إليه ورغبتي في المعرفة والفهم قوية. أخذ بيدي إلى ركن في الكهف مظلم فطرح علي
أسئلة دقيقة وأجبته بتفصيل.
اكتشفت دائي وأظهره لي واضحا
جليا ووضعت عليه إصبعي وأمسكت به بيميني، فاستأصلته وتتبعت جذوره جذرا جذرا. وضعت
الورم الذي استأصلته من جسمي (من قلبي) في قنينة صغيرة ثم أحكمت إغلاقها. فخرجت من
الكهف أحمل في يدي القنينة الصغيرة فرميتها بعيداً وتتبعتها بعيني حتى سقطت بين
أشجار كثيفة وأرجح أنها أشجار أرز.
وشعرت آنئذ بفرح عجيب وخفة ما شعرت
بمثلها قط.
علمت بعد أيام أن القنينة التي
ألقيت بها وقعت على رأس في الغابة المجاورة ولم تسبب له آلاما كثيرة. عُلم أنه رأس
طفل كان يرعى غنم سيده. وهو ابن العاشرة من عمره اضطرته ظروف الفقر ليشتغل راعيا
باحثا عن لقمة خبز وقطعة لحم...
-
أين هي جمعيات
حقوق الإنسان؟
-
جمعيات حقوق
الإنسان لا تصل إلى المناطق النائية...
اعتذرت
للطفل الصغير عن خطئي فتقبل عذري وصدره رحل، وقال لي كلاما جميلا يحمل في باطنه
مغزى عميقاً.
- قال: رأسي صلب مصنوع من الفولاذ قوي يتحمل كل شيء. فقد فُصِلت عن المدرسة
بسبب رأسي... فنزع قبعته وأظهر لي رأسه الحليق، وظهر لي أنه قوي صلب حقا وصدقا. ثم
شرع في ضرب رأسه بجذع شجرة أرز ضخمة، فبرهن ووفق في البرهان.
- قلت: بماذا تفسر لنا صلابة رأسك؟
- قال: تجارب الحياة قوته وصلبته وأتقنته.
- قلت: وهل أنت طفل أو رجل؟
- قال: طفل في هيئتي رجل في حقيقتي، أختزن في صندوقي همومي وأحزاني وأفكاري
وآلامي...
- قلت: أين تخفي صندوقك؟
فأشار الطفل إلى رأسه فعجبت من
ذكائه. حاولت استدراجه معي للكهف ليتعلم هنالك الحياة والفقه والعلم والسعادة فأبى
ورفض واعتذر خوفا من سيده.... ولما عدت للكهف أخبرتهم عن الحدث واستفسرتهم عن سبب
امتناع الطفل فأبوا الخوض في الجواب...ففهمت أن الطفل ليس من بني إنس...
اختلطت علي الأمور بعد الحدث فعجزت
عن التمييز بين أحلام اليقظة وأحلام النوم، بين الحقيقة والمجاز، بين الكتابة
والواقع. وجودي في الكهف أسعدني وإن كان قد أبعدني عن عالمي الأصلي فتهت تيها
جميلا. رأيت أني مضطر للعود إلى واقعي وأرضي، فقد اشتقت إلى سكان قريتي؛ إلى مكرهم
وجهلهم وعنادهم وبغيهم...ضقت من الوحدة في الكهف الجميل المظلم البعيد عن المجتمع والناس...
وأقدم شكرا خاصا خالصا متميزا
للأحبة الزاهدين المرابطين في الكهف. فقد تعلمت منهم علما كثيرا وأكسبوني قوة
عظيمة وطهروني من الفساد. فأجدني الآن قادرا على تبليغ الرسالة وأداء الأمانة ونصح
الأمة وتأسيس جمعية تهتم بإنسانية الإنسان.
- سمع القراء قول الكاتب: " وتأسيس جمعية..." فضحكوا واستهزؤوا
ورموا بالكتاب وتفرقوا. فحز ذلك في نفسي كثيراً...
قلت: هل تركتموني إذ إني متشائم؟
قال: لم نتركك لتشاؤمك إنما تركناك لقولك الأخير "وتأسيس جمعية".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق